♥ بـسـم الله الـرحمـن الـرحـيـم ♥

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُ بِهِ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَسْتَنْصِرُه
وَ نَعُوذُ بِالْلهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا
مَنْ يَهْدِهِ الْلهُ تَعَالَى فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَه
وَ أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الْلهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى الْلهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا

غانم المفتاح .. عندما تولد العظمة من رحم المعاناة

24 ساعة تمر ولا حديث إلا عنه، لقد طغى اسمه على أي اسم سواه، وخطف ظهوره الأضواء من أي صورة أخرى، لقد كان لقاء الافتتاح بين قطر والإكوادور مجرد لقاء، وكاد يكون حفل الافتتاح عاديا، لولا أن كان غانم المفتاح أحد مهندسيه. لقد سرق الشاب كل الأضواء من أول ثانية ظهر فيها رفقة النجم العالمي مورغان فريمان، وتلا الآية القرآنية الكريمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير)، فكان إعجازا ولو من نصف جسد.

إقرأ أيضا: مونديال قطر: إيران تسقط بسداسية أمام إنجلترا

لقد ظهر إعجاز غانم قبل أن يولد، عندما رفضت والدته إجهاضه، رغم أنّ قوانين السماء والأرض تمنحها الضوء الأخضر لفعل ذلك، لقد قال لها الأطباء إنّ وليدك القادم سيعاني من مرض يسمى “متلازمة التراجع الذيلي”، فقالت لهم أريده، كما أراده الله، لا يمكن أن أفرط في جزء مني، وسأحميه وأعتني به، كما أعتني بعينيّ، وكبدي وقلبي، فاتركوه لي.

يوم ماي 2002 ولد الصبي غانم، لقد كانت الصورة صادمة، إنّها صورة علوية فقط، لم تكن صورة فوتوغرافية، ولكنّها صورة من لحم ودم، أو نصف صورة من لحم ودم. لقد كان غانم المفتاح واحداً من 25 ألف شخص يعاني من هذا الاضطراب الخلقي النادر، والذي ينتج من عدم تكوّن الجزء السفلي من العمود الفقري بشكل كامل قبل الولادة، ولهذا عاش هذا المعجزة القطرية، حياته بنصف جسد، بعدما فقد جزءاً كبيراً من عظامه، بسبب المرض.

بدون أطراف سفلية، كان “المفتاح” يكبر شيئا فشيئا تحت رعايته والدته، التي لم تكن ترعاه جسديا فقط، بل كانت تعرف ما يمكن أن يعانيه في حياته، فعملت على حمايته بالأساس من عقدة النقص، بل كانت تحميه من نفسه، كان الصبي الذي أصبح فتى يمشي متنقلاً باستخدام يديه وعلى كرسي متحرك، وكانت والدته خلفه، تبني شخصيته، وهي تدفعه للاندماج في المجتمع، كانت تطلب منه أن يعامل الناس باحترام، حتى يعاملونه بنفس الاحترام.

مع مرور الوقت اكتسب الفتى ما منحه تلك الشخصية القوية التي أرادتها والدته، بالموازاة مع الدراسة والاجتهاد، حتى أصبح واحدًا من الأشخاص الفاعلين في المجتمع القطري، ثم العالم.

ولهذا يقول: “تعلمت من أمي أنّه لا شيء مستحيل، ويضيف: “هناك من يقول إنني تحديت إعاقتي، ولكن أنا أقول إنني لم أتحد إعاقتي، وإنما تمكنت من التعايش معها، وعدم الاستسلام لها، بل مضيت في طريقي بأمل كبير في الحياة”. هذه القصة التي قد يعتقد البعض أنّها مستوحاة من فيلم سينمائي، ألهمت العديد من الأشخاص، وأصبح يتابع حساب غانم المفتاح على “إنستغرام” أكثر من 3 ملايين شخص.

تعايش الشاب القطري مع إعاقته، أعطاه القدرة على ممارسة ألعابا مثل التزحلق على الجليد وتسلق الجبال وكرة القدم والسباحة وكرة السلة والسباحة، وقد تمكن من الغوص 18 مترا في البحار. ويسعى حاليا للحصول على شهادة جامعية، والتخصص في العلوم السياسية، بهدف أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي ويمثل بلاده.

وكان قد حصل وهو في سنوات المراهقة على لقب “سفير للنوايا الحسنة” لمؤسسة “أيادي الخير” نحو آسيا (روتا)، و”سفير السلام” لأمير الكويت الراحل الشيخ “صباح الأحمد الصباح”، وسفيرا للحملة الدعائية لمركز قطر للمال. وهو أيضا رائد أعمال، لديه شركة لإنتاج المثلجات، ويأمل في توسعتها في دول المنطقة، كما ألّف العديد من الكتب منها كتاب “غانم الرابح دائما”

إقرأ أيضا: إنطلاق “اليوم” تسجيلات امتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا

وفي شهر أفريل الماضي، أعلنت اللجنة العليا لمونديال قطر تعيين “المفتاح”، سفيراً رسمياً للبطولة، التي تُقام للمرة الأولى في العالم العربي. قصة غانم المفتاح الذي يلقب بالملهم، أدرجت سنة 2018 ، ضمن المناهج التعليمية القطريّة (منهاج الصفّ الأوّل ثانوي بمادّة المهارات الحياتية المهنيّة)، وهو نفس الأمر الذي فعلته وزارة التربيّة والتّعليم الكويتي الّتي جعلت قصّته ضمن منهاج الصفّ الثّامن إنجليزي. لقد استطاع القطري غانم المفتاح أن يلج قلوب الكثيرين بجمال عباراته ورضاه بالقضاء والقدر واستمتاعه بالحياة دون تذمّر ودفاعه عن نفسه بالكلمة الطيبة.

الوسوم: أخبار ومقالات