♥ بـسـم الله الـرحمـن الـرحـيـم ♥

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُ بِهِ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَسْتَنْصِرُه
وَ نَعُوذُ بِالْلهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا
مَنْ يَهْدِهِ الْلهُ تَعَالَى فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَه
وَ أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الْلهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى الْلهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا

صحفي صهيوني يعيد “الطاعون” إلى وهران !

وكأنّه امتداد للحملة المغربية الصهيونية داخل الكونغرس الأمريكي ضد الجزائر، جاء تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، عن مدينة وهران والجزائر بصفة عامة، والذي كتبه مراسلها الصهيوني روجر كوهين. الصحافي الأمريكي البريطاني قدّم صورة سوداوية عن مدينة وهران “الباهية”، وهي صورة تخالف الواقع تماما، خاصة أنّ ما كتبه كوهين، يأتي في وقت تعتبر وهران محط أنظار العالم سياحيا وإعلاميا ورياضيا، بعد النجاح الباهر لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

إقرأ أيضا: رسميا إلغاء رسالة الاستقبال المفروضة على اساتذة الجامعات

كاتب المقال، بدا في تقريره، وكأنّه جالس في مكتبه يقرأ رواية “الطاعون” للأديب ألبير كامو، وينقل من خلالها صورة مدينة وهران سنة 2022، وأنّه لا يريد أن يكتب عن مدينة يمشي على أرضها ويتجول في أسواقها وأزقتها ويحاور سكانها، وكان هذا واضحا، عندما قال” هذا الميناء الجميل ولكنه مهمل يديره ظهره للشاطئ”، وهو وصف من كامو لميناء وهران في زمن الطاعون الذي ضرب المدينة سنة 1849، ولكن كوهين أراد هذه العبارة في زمن الحاضر، ليقول أنّ وهران مدينة منغلقة، وأنّ الجزائر بلد يدير ظهره للعالم، فقد أغلق حدوده مع المغرب، وأنّه يرفض حتى التجارة مع جيرانه.

ولم يتوقف الكاتب الصهيوني عند هذا الحد، وراح يتجول في تاريخ قلعة سانتا كروز (المعلم الوحيد الذي تحدّث عنه)، قائلا أنّ القلعة بناها الإسبان وعمّرها العسكريون الفرنسيون، وهذا فقط ليصل إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما نفى وجود أمة جزائرية، وكأنّه يتفق معه، بل حتى شكك في عدد شهداء الجزائر، حين قال أنّ السلطات الفرنسية تقدرهم بـ500 ألف والجزائريون يقولون أن عددهم مليون قتيل (شهيد).

المثير في تقرير روجر كوهين، أنّه نقل تصريحات لمواطنين يعبّرون عن تذمرهم في العيش في وهران، ويفكرون في الهرب بأي طريقة، لدرجة أنّ امرأة قالت له، أنّه لو طلب منها المغادرة معه، لقبلت حتى دون أن تعود لمنزلها لأخذ حقيبتها، ومع ذلك يقول كوهين أنّه بقي خلال الأيام التي قضاها بوهران معزولا.

وكان واضحا من تقرير هذا الصحافي اليهودي، أنّ الغرض منه هو التشكيك في المؤسسة العسكرية، ليقول أنّها هي التي تدير البلاد، وأنّ سائق التاكسي الذي أقلّه تعرّض لاستفسارات من “الشرطة السرية”، وذهب الكاتب أكثر من ذلك عندما قال أنّ السياحة والاستثمار والمسارح ودور السينما والمكتبات في الجزائر شبهة، وأنّ الجزائريين يشكّون في أي أجنبي، وقد كان واضحا أنّ روجر كوهين عندما أعد تقريره، لم يكن يهتم بما وجده على أرض الواقع، ولكن كان متكئتا، على رواية “الطاعون” أولا، وعلى تصريحات الكاتب الفرانكفوني كمال داود ثانيا، خاصة أنّه نقل على لسان داود قوله، أنّ “الشباب يريدون الخروج بسبب هذا البلد الكئيب وهو بلد ممل، لا حرية ولا ترفيه”

وعاد الكاتب في سعيه الدؤوب لتقديم صورة عن الجزائر، للحديث عن توقيف المسار الانتخابي قبل ثلاثين عاما والعشرية السوداء التي وصفها بالحرب الأهلية، وتحدث عن فترة مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وعن “الحراك” الذي قال عنه أنّ السلطة سحقته، معتبرا أنّ وصول عبد المجيد تبون للحكم، هو عودة الجزائر لحالة الجمود الذي تعرفه.

روجر كوهين الذي لم يعجبه في وهران إلّا “طعم الحبّار المقلي”، عاد للحديث عن ألبير كامو الذي اعتبره أهم سكان وهران، وينقل عبارات لا علاقة لها بالحاضر، فيشير إلى الأوبئة والحروب التي تأتي على حين غرة، ويصف وهران بالمدينة المليئة بالقمامة.

ولأنّ اللوبي المغربي الصهيوني، فشل في تشويه صورة وهران خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط، جاءت محاولته هذه المرة، عن طريق مؤسسة إعلامية أمريكية كبيرة، وهي “نيويورك تايمز” مستغلا علاقة الصهيوني روجر كوهين بها، وهذا في وقت تستعد الجزائر لعقد القمة العربية، مستعينا بكمال داود، الذي تكرمه الجزائر احتراما للجنسية التي يحملها، ولكنّه يشوه صورتها في تصريحاته، حيث نقل كوهين على لسانه، قوله: “كامو لم يعد موجودا في الذاكرة الجزائرية، فقد تم محوه، فنحن دولة ثنائية، إما أنّك مع الثورة أو ضدها وأي شخص في الوسط يتم محوه”

والغريب أنّه في مقال روجر كوهين، تكتشف ألبير كامو وكمال داود أكثر مما تكتشف وهران، ليأتي تقريره بعيدا عن الواقع، وكأنّه دراسة نقدية لرواية “الطاعون” وبعض كتب كمال داود.

في الأخير علينا أن نتساءل، كيف دخل روجر كوهين الجزائر؟

صحيح أنّه يحمل الجنسيتين الأمريكية والبريطانية، ولكنّه معروف بصهيونيته ودعمه للاحتلال، فهو يقول عن نفسه أنّه “صهيوني يؤمن برواية وجود دولة الاحتلال كوطن يجب أن يدعو للحرية والعدالة والسلام”، كما أنّه “يحلم بدولة علمانية ثنائية القومية، في مقابل إنكار حق الشعب الفلسطيني بالسيادة على كامل أراضيه”.

إقرأ أيضا: دولي تونسي سابق مساعدا للبنزرتي في مولودية الجزائر

ويدافع عن التطبيع، ويعتبر “جوهر التطبيع ما هو إلا كسر حاجز العداء مع الكيان الصهيوني، والقبول به كواقع”، كما ينادي روجر كوهين في كتاباته بـ”شرعنة وجود الاحتلال الصهيوني”، مشيرا إلى أنّ “هنالك جزءا من حقوق الإنسان يمتلكها الشعب الفلسطيني، وهو حق تقرير المصير في الضفة الغربية وغزة. أما اللاجئون، فينبغي ألّا يكون لهم حق العودة” ربما لأنّه يخشى زوال دولة الصهاينة الوهمية.

الوسوم: أخبار ومقالات