♥ بـسـم الله الـرحمـن الـرحـيـم ♥
إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُ بِهِ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَسْتَنْصِرُه
وَ نَعُوذُ بِالْلهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا
مَنْ يَهْدِهِ الْلهُ تَعَالَى فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَه
وَ أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الْلهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى الْلهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا
لماذا تتأذى الملائكة من رائحة الثوم والبصل والكراث؟
ما يؤذي الملائكة في المسجد ، ليست رائحة الثوم والبصل والكراث.. ما يؤذي الملائكة في المسجد وفي غير المسجد مثلما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام في حديثه الصحيح هو الأذى..فالملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، و كل ما يؤذي ابن آدم يؤذي الملائكة لأنهم لا يحبّون أن يؤذي الإنسان أخاه الإنسان ، في المسجد وفي غير المسجد ، برائحة البصل والثوم وبغيرها من الروائح أو الأصوات أو التصرّفات المزعجة للآخرين.
إقرأ أيضا: نحو استبعاد جوفنتوس، ريال مدريد وبرشلونة من المشاركة في رابطة الأبطال لمدة طويلة
معنى الحديث الذي أخبرنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) لا يقتصر على رائحة البصل والثوم ، وإنما يشمل الأذى بشكل عام ، لأن النبي عندما ينهانا عن شيئ ويذكر لنا علّة وسبب النهي ، فإنه ينهانا عن العلّة ، فالنهي عن شرب الخمر علّته أنه مُسكر ، وبالتالي فإن الحرام هو السُّكر ، وكذلك النهي عن دخول المسجد عند الأكل من البصل والثوم علّته الأذى والإزعاج الذي تسببه رائحة هذه الخضر التي تحتوي على عناصر مفيدة لصحة الإنسان ، فأكلها ليس حراما ، ودخول المسجد للصلاة ليس حراما طبعا ، لكن الحرام هو سبب النهي عن دخول المسجد عند الأكل من الثوم والبصل والكراث ، وقد ذكر النبي هذا السبب بشكل أكثر وضوحا في حديث آخر رواه الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه وهو :" من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ، ولا يؤذينا بريح الثوم"، فالنبي ينهانا إذن عن الأذى ، وبالتالي فإن ما يؤذي الملائكة في رائحة الثوم هو الأذى الذي تسببه للناس.
روائح الثوم والبصل والكراث ، ليست الأشياء الوحيدة التي يمكن أن تؤذي الآخرين ، وليست أخطر ما يمكن أن يؤذي الإنسان ، فهناك ما هو أكثر أذى منها بكثير، والمسجد ليس المكان الوحيد الذي يمكن أن يؤذي فيه الإنسان غيره ، و المسلمون ليسوا وحدهم من تؤذيهم الروائح الكريهة وتزعجهم التصرّفات غير اللائقة ، وأحاديث النبي لا تعني ذلك ، ولكنها تعني أن الأذى حرام ، في المسجد، أو في الشارع ، أو في مكان العمل ، ومع المسلم وغير المسلم ..أحاديث النبي الشريفة تعني أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم ، تتأذى من أذى الإنسان للإنسان ، و من إزعاج الناس ومضايقتهم وإعاقة أعمالهم .
ما يؤذي الملائكة في الحديث ، ليس رائحة الثوم والبصل بالضرورة ، ربما يكون هذا المعنى صحيحا ، فهذه المخلوقات النورانية الطاهرة ، لا يستبعد أن يكون من صفاتها أن تكره ما يكرهه البشر من الروائح ، لكن من جهة أخرى ، هناك تفاوت واختلاف بين البشر أنفسهم عندما يتعلق الأمر بـ"التأذي" من الروائح ، ففيما يتحسّس بعض الناس بشدّة من الروائح الكريهة ، يتعوّد عليها أناس آخرون بسهولة ، فمربّو الأبقار مثلا ، لا ينزعجون من رائحة أبقارهم التي تمنحهم الحليب الطازج وهم يعتنون بها كلّ يوم ، لكن عامل بنك في بلد عربي اعتبر أن رائحة المواشي التي كان يجدها على الأوراق المالية التي يأتي بها الزبائن بعد تحويله إلى العمل في فرع بمنطقة ريفية ، اعتبرها من أسوأ ما واجهه في عمله الجديد !.. فإذا كان البشر أنفسهم مختلفين في هذا الشأن ، فليس مستبعدا أيضا أن تختلف الملائكة عن الإنسان في التأذّي من هذه الأمور ، ولذلك فإن الأمر هنا لا يتعلّق برائحة الثوم أو البصل بقدر ما يتعلّق بأذى الإنسان للإنسان بأي شكل من أشكال الأذى والإزعاج .
فعندما تركن سيارتك بشكل سيئ يعيق حركة الناس لن يؤذي ذلك الملائكة بطبيعة الحال ، لكن ما يؤذيها هو تأذي الناس مما فعلت، وعندما تُرفع أصوات "زوامير" السيارات بالقرب من مستشفى أو مكان سكني يحتاج فيه الناس إلى الراحة والهدوء فإن تأذي المرضى و السكان هو ما يؤذي الملائكة، وعندما يحتكر تاجر ما سلعة مما يحتاج إليه الناس ، من أجل مصلحته الفردية الضيّقة ، فإن ندرة السلعة في السوق لن تؤذي الملائكة ، ولكن ما يؤذيها هو تأذي المستهلكين من الندرة وارتفاع الأسعار، و ما يعرف عند الأطباء بالتدخين السلبي لا يؤثّر على الملائكة ، ولكن الملائكة تتأذى من تأثيره على الأطفال عندما يدخّن الكبار بالقرب منهم.
إقرأ أيضا: فيلم جعفر قاسم "هيليوبوليس" في قاعات السينما بداية من 20 ماي
ولكم أن تتصورا ما سيتغيّر في حياة البشر مع بعضهم ، عندما يتعلّمون كيف يكفّون الأذى عن الملائكة ، بالتوقّف عن التسبّب في الأذى والإزعاج لبني آدم ، وعندما يتعلّمون كيف "ينظفون كلماتهم وحركاتهم وسكناتهم ولغة أجسادهم من أي شوائب قد تؤدي إلى إلحاق الأذى بإنسان ما ، مثلما ينظفون أسنانهم حتى لا تنبعث منها رائحة غير مرغوبة ما".
0 تعليق على موضوع : لماذا تتأذى الملائكة من رائحة الثوم والبصل والكراث؟
يسعدنا تفاعلكم بالتعليق، لكن يرجى مراعاة الشروط التالية لضمان نشر التعليق
● أن لا تضع أي روابط خارجية
● أن يكون التعليق خاص بمحتوى التدوينة
● أي سؤال خارج محتوى التدوينة يرجى تواصل معنا : من هنا
● يمكنك تعليق بإستخدام صور ✋👇👆👍👎✋
● (( "مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" ))